رمضان في بلاد الغربة
د. صالح عوض عرم - الرئيس التنفيذي لمؤسسة حضرموت
ينتشر ابتعاث طلبة مؤسسة حضرموت للتنمية البشرية في عدد من بلدان العالم، منها بلدان عربية أو اسلامية، أو غير ذلك . وفي مواقع جغرافية متباينة فمنها على خط الاستواء تقريباً حيث يتساوى الليل والنهار ومنها يقع شمال خط الاستواء وفيها يختلف طول الليل والنهار في فصول السنة، وبالطبع من بينها فصلي الصيف وفي الشتاء. ويأتي رمضان هذا العام 2019م في شهر مايو والذي يعتبر أقرب للصيف في بعض البلدان، منه إلى الشتاء ،ومن ثم فان هناك تباين في طول ساعات الصيام، فيزداد طولاً كلما بعدنا شمالاً عن خط الاستواء .
وشهر رمضان الفضيل في بلاد الغربة يثير في النفس شعوراً بالشوق والحنين للأهل وبما يحس به الفرد بالدفئ وبالخصوصية الروحانية المتمثلة في طقوس وعادات جميلة لهذا الشهر المبارك. وليس غريباً أن تعتصر القلوب أحياناً من ذكريات مع الأهل والاصدقاء، ولكن يستطيع الطالب المبتعث أن يتكيف مع المجتمعات التي يعيش فيها.
ففي الدول العربية والاسلامية يستطيع الطالب القيام بكل شعائره الدينية من صلوات وخاصة صلاة التراويح وقراءة القرآن الكريم والاعتكاف في العشر الأواخر منه اذا لم تكن هناك التزامات دراسية تحول دون ذلك ؛ كما ان نوعية الاطعمة في هذه البلدان لا تختلف كثيراً عن أطعمة مجتمع حضرموت، فهي حلال ، ولا يشعر الطالب بأية موقف تجاهها ، بالإضافة إلى تشابه في بعض منها وتجد الاسواق الشعبية تزخر بأنواع الاطعمة التي يعرضها الباعة، مع أهمية الحذر صحياً من بعضها، فتجد الشوربة والهريس والمقليات والمكسرات والحلويات المختلفة، وتنتشر المطاعم والمجالس والمقاهي وتقدم ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات.
وعلى الطالب أن يختار الاطعمة الصحية والتي تقية من أي نقص غذائي أساسي يحافظ على حيويته وسلامته .
أما في الدول غير العربية والاسلامية فبعضها توجد فيها جاليات عربية واسلامية وهذه تخفف على طلبة العلم كثيراً من المشاكل أو الصعوبات أكانت دينية أو غذائية . فلهذه الجاليات مساجد وأماكن لتناول الاطعمة و تجمعات وموائد للرحمن مما يجد الصائم فيها اطمئناناً وتخفيفاً لمعاناته.
اما في تلك المجتمعات التي لا توجد أو تقل فيها الجاليات الاسلامية فإن المبتعث يمكن أن يتكيف عبر عدة طرق :
وضع جدولاً مع بقية زملائه يخلق فيها أجواء رمضانية من خلال صلاة الجماعة والتراويح في احد شققهم السكنية .
إعداد أطباق رمضانية في احد الشقق ، واذا كان يسكن مع أحد الاسر الاجنبية يمكنه أن يعد وجبات رمضانية قد تحظى برضا واستحسان تلك الاسر .
تبادل الزيارات بين الطلبة وخلق جو اجتماعي رمضاني بينهم .
تزيين الشقق ببعض المناظر والملصقات التي توحى بالأجواء الرمضانية.
متابعة بعض القنوات التي تكرس جزءاً كبير من برامجها لفضائل الشهر الكريم .
ومن أهم الأمور التي يمكن استغلال ساعات اليوم الرمضاني منها، وخاصة في الدول التي يطول فيها اليوم ، والذي قد يصل إلى 15 ساعة صوم، وذلك بقراءة أكبر قدر من القرآن الكريم وختم المصحف لعدد من المرات والاستذكار وحل الواجبات وحتى مزاولة الرياضة الخفيفة.
ولعل أهم شي هو كيف يستمتع الصائم بأكبر قدر من الوقت في هذا الشهر الكريم ويقبل على الله بعقله وقلبه وجوارحه وعلى اتباع كل ما يرضيه.
وأخيراً تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير.